افتتاح المتحف المصري الكبير: بوابة جديدة للحضارة الفرعونية في قلب الجيزة

افتتاح المتحف المصري الكبير: بوابة جديدة للحضارة الفرعونية في قلب الجيزة
القاهرة، 1 نوفمبر 2025 – اليوم السبت، يشهد العالم حدثًا تاريخيًا يعيد إحياء إرث مصر القديمة بأبهى حللها، مع افتتاح المتحف المصري الكبير (GEM) رسميًا في الجيزة. بعد عقود من الانتظار والتحديات، أصبح هذا المتحف، الذي يُعد الأكبر عالميًا المخصص لحضارة واحدة، جاهزًا لاستقبال الزوار العالميين، حيث يقع على بعد كيلومترين فقط من أهرامات الجيزة، ليربط بين الماضي الخالد والحاضر الحديث في مشهد ثقافي مذهل.
رحلة طويلة نحو الافتتاح: من الفكرة إلى الواقع
بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير في التسعينيات، عندما انتقد وزير الثقافة السابق فاروق حسني المتحف المصري القديم في ميدان التحرير بأنه غير كافٍ لاستيعاب الكنوز الفرعونية. أُعلن عن المشروع رسميًا عام 1992 تحت رعاية الرئيس حسني مبارك، ووضع حجر الأساس عام 2002، بينما بدأ البناء الفعلي عام 2005. صُمم المتحف من قبل المهندسين المعماريين الأيرلنديين هينيغان بينغ، الذين فازوا بمسابقة دولية عام 2003، وبُني بواسطة اتحاد بين شركة بيسيكس البلجيكية وأوراسكوم المصرية، بتكلفة بلغت 1.2 مليار دولار.50563b
واجه المشروع تأخيرات متكررة بسبب الاضطرابات السياسية بعد ثورة 2011، والجائحة العالمية لكورونا، والتحديات اللوجستية والاقتصادية، مما أجل الافتتاح مرات عديدة من 2020 إلى 2023، ثم إلى مايو 2024، وأخيرًا إلى 1 نوفمبر 2025. شهد المتحف فترة تجريبية في أكتوبر 2024 بزيارات يومية لـ4000 زائر، قبل إغلاق مؤقت من 15 أكتوبر إلى 3 نوفمبر، ليفتح أبوابه للجمهور العام من 4 نوفمبر.ef65cb وفقًا للحكومة المصرية، يأتي هذا الافتتاح في سياق جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لتعزيز السياحة والثقافة، رغم التوترات الإقليمية الأخيرة التي أجلت الافتتاح في يوليو الماضي.fa8fe9
تصميم معماري يتناغم مع الرمال والأهرامات
يمتد المتحف على مساحة 500 ألف متر مربع، مع منطقة بناء تبلغ 167 ألف متر مربع، ومساحة عرض تصل إلى 81 ألف متر مربع. يتميز بواجهة زجاجية مثلثة الشكل شاهقة، مصنوعة من الرخام والزجاج، مزينة بكرتوش ودوائر تحمل هيروغليفية أسماء الملوك والملكات. يرتبط التصميم بمحاور بصرية ومكانية تتوجه نحو الأهرامات الثلاثة، مما يجعله جزءًا عضويًا من المنظر الطبيعي للهضبة الجيزية. الواجهة الرئيسية مصنوعة من حجر الجبس المحلي الشفاف، الذي يسمح بدخول الضوء الطبيعي المُعدّل للحفاظ على القطع الأثرية، مع سقوف مطوية وجدران مائلة.c6350c
داخل المتحف، يرحب بهالة كبيرة (أتريوم) بتمثال رمسيس الثاني العملاق (11 مترًا و83 طنًا)، تحت سقف يسمح بدخول ضوء الشمس المنتشر. درج عملاق يرتفع ستة طوابق، مزين بأكثر من 60 قطعة أثرية، يؤدي إلى المعارض الرئيسية التي تطل على الأهرامات عبر جدار زجاجي كامل الارتفاع. يربط جسر خاص المتحف بالأهرامات، مما يتيح الوصول سيرًا على الأقدام أو بالمركبات الكهربائية. كما يعتمد على استراتيجيات مستدامة مثل الطاقة الشمسية، جمع مياه الأمطار، والتهوية الطبيعية، ليصبح أول متحف أخضر في أفريقيا والشرق الأوسط، معتمدًا بشهادة EDGE Advance.62065b
كنوز فرعونية تروي قصة 7000 عام من التاريخ
يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من العصور ما قبل الأسرات إلى العصر القبطي، مع عرض أكثر من 24 ألف قطعة في 12 قاعة رئيسية مرتبة زمنيًا من حوالي 3100 ق.م. إلى 400 م. تم نقل هذه القطع من مستودعات ومتاحف في القاهرة، الأقصر، المنيا، سوهاج، أسيوط، بني سويف، الفيوم، دلتا النيل، والإسكندرية، بالإضافة إلى اكتشافات حديثة من مواقع مثل سقارة.b359de
النجم اللامع هو مجموعة توت عنخ آمون الكاملة، التي تضم 5398 قطعة، معروضة لأول مرة معًا منذ اكتشاف قبره عام 1922. تشمل قناع الدفن الذهبي، ثلاثة توابيت (أحدها ذهبي يزن 110 كجم)، العرش الذهبي، التماثيل، التمائم، المجوهرات، الأسلحة، الأثاث، والتماثيل الجنائزية (أوشابتي)، في قاعة مساحتها 7500 متر مربع. كما يبرز قارب الشمس الثاني للملك خُفُو (43 مترًا طولًا، 4600 عامًا)، الذي نُقل من متحفه السابق قرب الهرم الأكبر، ومجموعات الملكة هتيبريس (أم خُفُو) ويويا وتيو (والدي الملكة تيي).c5c21a سيتم عرض نحو 20 ألف قطعة مرُستَرة حديثًا لأول مرة، مع تقنيات حديثة مثل العروض المتعددة الوسائط والواقع المختلط لجيل Z.
بالإضافة إلى ذلك، يشمل المتحف متحفًا للأطفال (5000 متر مربع، تفاعلي للأعمار 6-12 عامًا، مفتوح جزئيًا منذ أغسطس 2024)، أربع قاعات عرض مؤقتة، ومركز حفظ بـ19 مختبرًا للترميم (مفتوح منذ 2010).b68f4e
حفل الافتتاح: لقاء قادة العالم مع الفراعنة
يشهد اليوم حفل افتتاح كبير بحضور قادة عالميين، يركز على افتتاح قاعتين مخصصتين لقطع توت عنخ آمون، مما يكمل المرحلة النهائية للمتحف. سيكون المتحف مركزًا بحثيًا وتعليميًا، يجمع بين العرض والحفظ والتعليم، ليصبح وجهة سياحية عالمية تعزز الاقتصاد المصري وتربط القاهرة الحديثة بتراثها الأثري.9a6f38 مع إطلالته البانورامية على الأهرامات، يعد المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى، بل رمزًا للاستمرارية الحضارية، يدعو العالم لاستكشاف أسرار الفراعنة في عصر جديد.
في الختام، يمثل هذا الافتتاح خطوة تاريخية نحو الحفاظ على إرث مصر، ويُتوقع أن يجذب ملايين الزوار سنويًا، محولًا الجيزة إلى مركز ثقافي عالمي متكامل. للحجز أو المزيد من التفاصيل، يُفضل زيارة الموقع الرسمي للمتحف.