تفسير حلم و رؤية النار في المنام لابن سيرين و النابلسي و ابن شاهين

تفسير رؤية النار في المنام: مقارنة شاملة بين ابن سيرين والنابلسي وابن شاهين
تُعد رؤية النار في المنام من الرؤى القوية التي تحمل في طياتها دلالات متناقضة؛ فهي قد تكون رمزًا للبشارة والهدى، أو نذيرًا بالفتنة والعذاب. وقد فصّل كبار مفسري الأحلام كابن سيرين والنابلسي وابن شاهين في تأويلاتها المختلفة، معتمدين على حالة النار، وسياق الرؤيا، وحال الرائي.
التفسير العام لرؤية النار
يتفق المفسرون الثلاثة على أن النار لها وجهان: وجه محمود وآخر مذموم. فهي من ناحية ترمز إلى السلطان، والقوة، والهداية، والعلم، والبشارة. ومن ناحية أخرى، قد تدل على الحرب، والفتنة، والعذاب، والذنوب، والخسارة. ويعتمد تحديد المعنى على تفاصيل الرؤيا.
تفسير رؤية النار حسب حالتها وسياقها
1. النار المضيئة والنافعة (نار التدفئة والطهي):
* ابن سيرين: يرى أن النار التي لها نور ومنفعة، كالنار التي يُصطلى بها للدفء أو تستخدم للإضاءة والطهي، تدل على الأنس، والرزق، والأمن من الخوف، والتقرب من أصحاب السلطان ونيل منفعة منهم.
* النابلسي: يوافق على أن النار النافعة في المنام تدل على الأرزاق والفوائد، خاصة في فصل الشتاء. ورؤيتها في المنزل قد تبشر بقدوم غائب أو بزيادة في العلم والهدى.
* ابن شاهين: يؤكد أن من أوقد نارًا في منامه لمنفعة الناس (كالإضاءة في طريق مظلم)، فإنه ينال علمًا نافعًا ينشره بين الناس أو سلطة ينتفعون بها. والنار المضيئة بلا دخان تدل على القرب من الله وأوليائه.
2. النار المؤذية والمحرقة (الحريق):
* ابن سيرين: النار المحرقة التي لها دخان وأصوات مفزعة تدل على الفتنة، والحرب، والهلاك، والعذاب من السلطان. وكلما كانت النار أشد، كانت الفتنة أو المصيبة أعظم. واحتراق البيت يدل على وقوع مصيبة كبيرة فيه أو فتنة بين أهله.
* النابلسي: يفسر النار التي لها لهب وشرر وتحرق الأشجار بأنها فتنة عظيمة يهلك فيها أناس كثيرون. والحريق في بلد قد يدل على وباء أو حرب أو ظلم من حاكم.
* ابن شاهين: يرى أن النار إذا كانت محرقة ومؤذية، فهي تؤول بالبلاء والهم والغم والخسارة. ومن رأى نارًا عظيمة أصابته، فإنه يصيبه ضرر بقدرها. وإذا أحرقت النار ثيابه، دلّ ذلك على وقوع خصومة مع الأقارب.
3. النار والدخان:
* ابن سيرين: النار التي لا دخان فيها أفضل من التي لها دخان. فالنار الصافية قد تدل على قرب من السلطان أو بشارة. أما النار مع الدخان الكثيف فتدل على فتنة وعذاب وهول عظيم.
* النابلسي: يربط الدخان بالهول والعذاب والفتن العمياء. ويرى أن النار التي لها دخان وصوت وجلبة هي فتنة عظيمة.
* ابن شاهين: النار الصافية التي لا دخان لها محمودة، وقد تدل على الحج أو زواج مبارك أو منصب رفيع. أما وجود الدخان فيؤول بالهم والغم والعذاب.
4. رؤية النار في أماكن مختلفة:
* في البيت:
   * ابن سيرين: إن كانت النار مضيئة وغير ضارة فهي خير وبركة لأهل البيت. وإن كانت محرقة وتخرج من البيت، فهي فتنة ومصيبة.
   * النابلسي: رؤية النار في البيت قد تدل على غنى وسعة رزق إذا كانت نافعة، أو على خلافات وفتن إذا كانت مؤذية.
   * ابن شاهين: اشتعال النار في البيت قد يدل على حصول الرائي على قوة ومنصب، أما إذا كانت النار مظلمة وتحرق، فهي مصيبة.
* في اليد أو الجسد:
   * ابن سيرين: من رأى النار تشتعل في يده دون أن تؤذيه، نال منفعة من عمله أو سلطانه. أما إن أحرقته، فهو ضرر يصيبه.
   * النابلسي: خروج النار من اليد يدل على ظلم الرائي وبطشه.
   * ابن شاهين: من رأى نارًا تخرج من كفه، فإنه ينال رزقًا من عمل يده. وإن خرجت من فمه، فقد يدل على الفتنة والكلام السيئ.
5. حالات خاصة في رؤية النار:
* أكل النار: يتفق المفسرون على أن أكل النار في المنام يدل على أكل المال الحرام، خاصة مال الأيتام، أو يدل على ارتكاب الآثام والمعاصي.
* إطفاء النار:
   * ابن سيرين: إطفاء النار قد يدل على إخماد فتنة أو إنهاء خصومة.
   * النابلسي: من أطفأ نارًا مشتعلة، فإنه يبطل أمرًا كان على وشك الوقوع، فإن كان خيرًا فإنه يبطله، وإن كان شرًا فإنه ينهيه.
   * ابن شاهين: إطفاء النار يؤول بإزالة الفتن والمشاكل.
* عبادة النار: أجمعوا على أن من رأى نفسه يعبد النار أو يسجد لها، فإنه يطيع الشيطان في معصية الله، وقد يدل على حبه للحروب وإراقة الدماء.
خلاصة:
تتفق رؤى المفسرين الثلاثة في جوهرها على أن تفسير النار يعتمد بشكل كبير على منفعتها وضررها في الحلم. فالنار الهادئة المضيئة التي يستفيد منها الناس هي رمز للخير والعلم والسلطان والرزق. أما النار المستعرة والمحرقة التي يصاحبها الدخان والأصوات المرعبة، فهي إنذار بالفتن والحروب والعذاب والخسائر. ويبقى حال الرائي وتقواه من العوامل المهمة التي تؤثر في تأويل الرؤيا.